كنت أستقي الشاي كعادتي عند زاوية المحل المقابل لأحد المراكز، كنت أتأمل المارة بين الحين والآخر، أنظر لهذا وتلك كلٌ منصرفٌ لهمه، وبينما أن أزاول رقصي مع الشاي، توقفت سيدة مسنة وغمزت لي، ولهول صدمتي كدت أختنق بالرشفة التي في فمي، فبصقتها في صحيفة الرجل الذي جلس بمقربة مني دون قصد، فإذا بها تضحك وتكشف وتخفي فمها بيدها عن خجل، أخرجت الملعقة بسرعة من بين رمال السكر، أنظرني، لا أذكرني تجاوزت الثلاثين فما بها فتاة الستين تعاكسني؟ عدت لأنظر إليها عاقداً حاجبي الأيمن بأخيه الأيسر متعجباً، فإذا بها تلوح بيدها، شعرت ببعض الشفقة ناحيتها، فرفعت يدي وما أن لوحت حتى مرت عصاً تحمل كهلاً عن يميني، للأسف لم أكن المعني وللأسف استدعت يدي انتباه الجميع إلا صاحب جريدة الشاي والذي أوشك أن يصل للصفحة الأخيرة ويكتشف أمري، فقلت بصوت عالٍ: الحساب أيها النادل، وانصرفت دون أن أكمل حتى رقصي مع ذلك الشاي.